وقف هنري لوت أمام هذه الشجرة عام 1934،وقف وعيناه مثبتة على الشجرة كأنه ينظر إلى نفسه في المرآة،كان يرتجف مثل هاجس قديم وشعر أنه أصبح فجأة محروما من حلمه القديم،أوراق الشجرة الخضراء وما زاد من سحرها هو تلك الأزهار الصفراء المتناثرة على حواف جسدها القديم،وفي عام 1938 حفر الجنود الفرنسيين بئرا بجانبها لتسهيل عبور القوافل،وسط الفراغ المقفر كانت الشجرة تقف وحدها كآخر أغنية غناها الماء قبل رحيله إلى الأبد،كتب ميشال لسور وهو قائد كان في مهمة عسكرية لمعسكر الحلفاء عندما نظر إلى الشجرة في 21 مايو 1938:”كان عليَّ أن أنظر إلى الشجرة بعيني لكي أصدق أنها موجودة،ما سر هذه الشجرة؟كانت الابل تمر بجانبها ولا تقترب من أوراقها الخضراء،لماذا؟لماذا لم يقطع أحد من الطوارق الذين يقودون قوافل الملح في رحلة أزلاي غصن واحد منها لإشعال النار؟الإجابة هي أن هذه الشجرة مقدسة،وفي كل عام تتجمع حولها القبائل حولها قبل بداية رحلة أزلاي”،في صحراء أزواد عجلات الزمن بطيئة وروح الإنسان تصبح في كفه،رمال أزواد تصيب الإنسان بقشعريرة نارية تسري في جسده،لا وجود لمعجزة الماء في أزواد،لا وجود للوعود السعيدة بالظل المشدود بحبل الغياب.